لماذا تعتبر الانتخابات حبة مريرة يبتلعها الجزائريين؟

“على الرغم من كونه طبيباً يدير عيادته الخاصة في الجزائر، لا يتوقف عدلان عن التفكير في الهجرة إلى أوروبا، لأنه يشك أن الانتخابات الرئاسية التي ستجري يوم السبت، ستبشر بعصر جديد من الديمقراطية والازدهار في وطنه”.

 

ويقول عدلان، الذي فضل عدم ذكر اسمه الأخير، في مقابلة مع مراسلة “بي بي سي”: “أشعر بالمرارة وخيبة الأمل”.

 

ومع ذلك، كانت آماله قبل خمس سنوات – مثل آمال العديد من الجزائريين الآخرين الذين شاركوا في حالة الحراك – عالية بأن الحرية والديمقراطية في متناول اليد.

 

و”عدلان” أب لطفلين، شارك بانتظام في انتفاضة شعبية أجبرت الرئيس الجزائري الأطول خدمة، عبد العزيز بوتفليقة، على التنحي بعد 20 عامًا في السلطة، ويضيف: “احتججت لمدة 50 يوم جمعة على التوالي، أردنا أن تُسمع أصواتنا، وحلمنا بالمساءلة”.

 

وتابع حديثه، قائلا: “لكن الوضع في الجزائر اليوم لا يختلف كثيرًا عما حدث في دول شمال إفريقيا الأخرى مثل مصر وتونس في أعقاب الربيع العربي، الذي كان يهدف إلى إنهاء الحكم الاستبدادي، لقد فشلت الاحتجاجات في الشوارع الجزائرية في تقليص قوة الجيش، المؤثر منذ الاستقلال والذي لا يزال يمسك بخيوط اللعبة”.

فرص مجاح تبون:

يُنظر إلى الرئيس عبد المجيد تبون، 78 عامًا، على نطاق واسع على أنه مدعوم من الجنرالات وفاز في الانتخابات في عام 2019 بعد إجبار السيد بوتفليقة على التنحي.

ومن المتوقع أن يضمن بسهولة ولاية ثانية في الانتخابات التي يتنافس عليها مرشحان آخران – عبد العالي حساني، رئيس حركة مجتمع السلم، ويوسف عوشيش، زعيم جبهة القوى الاشتراكية.

 

واستبعدت لجنة الانتخابات 13 مرشحًا – بمن فيهم زبيدة عسول، المحامية وزعيمة حزب معارض شاركت في احتجاجات عام 2019، والتي تقول: “لا تريد السلطات إجراء انتخابات حقيقية يمكن أن تؤدي إلى تغيير ملموس. لقد تم تخصيص جميع موارد الدولة لحملة الرئيس”.

 

الجانب القانوني:

ويتطلب القانون من المرشحين جمع 50 ألف توقيع من الناخبين المسجلين، عبر مختلف المحافظات، أو 600 توقيع من أعضاء البرلمان والمجالس المحلية، للتأهل للترشح للرئاسة.

وترى زبيدة عسول، أن المتطلبات كانت تهدف إلى جعل من المستحيل على المرشحين مثلها خوض الانتخابات، معلقة: “كيف يمكن لأي مرشح جمع 50 ألف توقيع في شهر واحد، أثناء العطلة الصيفية، وفي مقاطعة ضخمة مثل الجزائر؟”.

 

فيما رفض عبد الرحمن صالح، رئيس حزب يدعم تبون، انتقاداتها، ويضيف: “لقد فشلوا في استكمال الوثائق المطلوبة، وحاولوا إيجاد عذر لفشلهم. أتمنى لو كانوا مسؤولين بما يكفي، للاعتراف بأنهم لم يتمكنوا من إقناع الناخبين”.

 

ويستكمل الدكتور عدلان تصريحاته لـ”بي بي سي”، بأن هناك العشرات من زملائه الأطباء غادروا إلى أوروبا في السنوات الخمس الماضية، حيث يتبع بعض الجزائريين الطريق القانوني للبحث عن حياة أفضل في الخارج، يقوم آخرون برحلة محفوفة بالمخاطر، عبر البحر الأبيض المتوسط، للوصول إلى شواطئ أوروبا.

 

وتابع: “يقفز الآلاف في الزوارق، ويرمون أنفسهم في المجهول لأنهم لم يعد بإمكانهم تحمل حياتهم هنا”.

 

وعلى الرغم من عدم وجود أرقام دقيقة، كانت الهجرة غير الشرعية دائمًا مشكلة متجذرة في جميع أنحاء شمال إفريقيا، حيث لا يستطيع العديد من الشباب تحمل ظروفهم المعيشية المزرية بعد الآن.

 

وفي الوقت الذي يمتلك فيه الجزائر ثروات طبيعية من النفط والغاز، يصل معدل البطالة بين الشباب أكثر من 30%، وفقا لمنظمة العمل الدولية، ومن ناحيته وعد الرئيس تبون بخلق المزيد من الوظائف إذا فاز بولاية ثانية، لكن منتقديه يشككون في قدرته على إصلاح مشكلة البطالة المزمنة وتحقيق الرخاء الاقتصادي.

وبسؤال مراسلة “بي بي سي”، لصحفي جزائري يدعى عبد الوكيل بلام، والذي شارك في احتجاجات ، 2019، عما إذا كان سيشارك في الانتخابات أم لا، أجاب بأنه مقاطع .

 

واستنكر “بلام”: “كيف يمكن أن نجري انتخابات نزيهة وديمقراطية، بينما يذهب الصحفيون والناشطون إلى السجن بسبب منشور على وسائل التواصل الاجتماعي؟”.

 

“وأضاف بصوت ملئ بالغضب: “لقد اضطررت إلى ترك وظيفتين، بسبب القيود المفروضة على حرية التعبير”.